فصل: قال ملا حويش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الأعلى:
التسبيح: التنزيه، {خلق}: أي خلق الكائنات، {فسوى}: أي فسواها ووضع خلقها على نظام كامل، لا تفاوت فيه ولا اضطراب، {قدر}: أي قدر لكل حى ما يصلحه مدة بقائه، {فهدى}: أي هداه وعرّفه وجه الانتفاع بما خلق له، و{المرعى}: كل ما تخرجه الأرض من النبات والثمار والزروع المختلفة، والغثاء: ما يقذف به السيل إلى جانب الوادي من الحشيش والنبات، والأحوى: الذي يضرب لونه إلى السواد.
قال ذو الرمة:
لمياء في شفتيها حوّة لعس ** وفى اللّثات وفى أنيابها شنب

{سنقرئك}: أي نجعلك قارئا للقرآن، {فلا تنسى}: أي فلا تنساه بل تحفظه، واليسرى: أعمال الخير التي تؤدى إلى اليسر.
التذكر: أن يتنبه الإنسان إلى شيء كان قد علمه من قبل ثم غفل عنه، ومن يخشى اللّه صنفان: مذعن معترف باللّه وببعثه للعباد للثواب والعقاب، ومتردد في ذلك، {الأشقى}: هو المعاند المصرّ على الجحد والإنكار، المتمكن من نفسه الكفر، {يصلى النار}: أي يذوق حرها. و{النار الكبرى} هي أسفل دركات الجحيم، {لا يموت}: أي فيستريح {ولا يحيا}: أي حياة طيبة فيسعد كما أشار إلى ذلك شاعرهم فقال:
ألا ما لنفس لا تموت فينقضى ** عناها ولا تحيا حياة لها طعم

{أفلح}: أي فاز ونجا من العقاب و{تزكى}: أي تطهر من دنس الرذائل، ورأسها جحد الحق وقسوة القلب، و{ذكر اسم ربه}: أي ذكر في قلبه صفات ربه من الكبرياء والجلال، {فصلى}: أي فخشع وخضعت نفسه لأوامر بارئه، {تؤثرون}: أي تفضلون. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة الأعلى:
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى}
قوله عز وجل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ...}، و{باسم ربك}.
كل ذلك قد جاء وهو من كلام العرب.
{وَالَّذي قدر فهدى}
وقوله عز وجل: {وَالَّذي قدر فهدى...}.
قدر خلْقه فهدى الذكر لِمَأْتى الأنثى من البهائم.
ويقال: قدر فهدى وأضل، فاكتفى من ذكر الضلال بذكر الهدى لكثرة ما يكون معه. والقراء مجتمعون على تشديد (قدر). وكان أبو عبد الرحمن السلمى يقرأ: قدر مخففة، ويرون أنها من قراءة علي بن أبى طالب رحمه الله والتشديد أحب إلىّ لاجتماع القراء عليه.
{فَجَعَلَهُ غُثَاءً أحوى سنقرئك فَلاَ تنسى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يخفى}
وقوله عز وجل: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أحوى...}.
إذا صار النبت يبساً فهو غثاء. والأحوى: الذي قد اسودّ عن العتق ويكون أيضًا: أخرج المرعى أحوى، فجعله غثاءً، فيكون مؤخَّرا معناه التقديم.
وقوله عز وجل: {سنقرئك فَلاَ تنسى... إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ...}.
لم يشأ أن ينسى شيئا، وهو كقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّماوَاتُ والأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّك} ولا يشاء. وأنت قائل في الكلام: لأعطينك كل ما سألت إلاَّ ما شئت، وإلاَّ أَن أشاءَ أن أمنعَك، والنية ألا تمنعه، وعلى هذا مجارى الإيمان يستثنى فيها. ونية الحالف التمام.
المعاني الواردة في سورة الأعلى:
{وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى}
وقوله تبارك وتعالى: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى...}.
يتجنب الذكرى فلا يذكر.
{الَّذِى يَصْلَى النَّارَ الكبرى}
وقوله جل وعز: {النَّارَ الكبرى...}.
هى السفلى من أطباق النار.
{قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى}
وقوله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى...}.
عمِل بالخير وتصدق، ويقال: قد أفلح من تزكى: تصدق قبل خروجه يوم العيد.
{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى}
{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى...}.
شهد الصلاة مع الإمام.
{بَلْ تؤثرون الْحَيَاةَ الدنيا}
وقوله عز وجل: {بَلْ تؤثرون الْحَيَاةَ الدنيا...}.
اجتمع القراء على التاء، وهى في قراءة أبىّ: {بَلْ أَنْتُمْ تؤثرون الْحَياةَ} تحقيقاً لم قرأ بالتاء.
وقد قرأ بعض القراء: {بَلْ يُؤْثِرُونَ}.
{إِنَّ هَذا لَفِي الصحف الأولى}
وقوله عز وجل: {إِنَّ هَذا لَفِي الصحف الأولى...}.
يقول: مَن ذكر اسم ربه فصلى وعمل بالخير، فهو في الصحف الأولى كما هو في القرآن. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الأعلى:
5- {فَجَعَلَهُ غُثاءً} أي يبسا، أحوى: أسود من قدمه واحتراقه.
8- {إِنَّ هذا لَفِي الصحف الأولى} لم يرد ان معنى السورة في الصحف الأولى، ولا الألفاظ بعينها. وإنما أراد: «الفلاح لمن تزكّي، وذكر اسم ربه فصلي» في الصحف الأولى، كما هو في القرآن. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة الأعلى:
1 {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ}: لا تسمّ أحدا باسمي.
والغثاء: ما يبس من النّبات فتحتمله الرّيح والماء.
و(الأحوى): الأسود، والنّبات إذا يبس اسودّ، ويجوز صفة لـ: {المرعى} أي: أخرجه {أحوى} لشدّة الخضرة ثمّ جعله غثاء.
6 {فَلا تنسى}: سأل ابن كيسان النّحوي جنيدا الصّوفي عنه، فقال: لا تنسى العمل به. فقال: لا فضّ اللّه فاك، مثلك يصدّر.
9 {فذكر إِنْ نَفَعَتِ الذكرى} التذكير: تكثير الإنذار وتكريره، ولا يجب إلّا فيمن ينفعه.
14 {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تزكى}: أي: زكاة الفطر، وتقدّم على صلاة العيد عملا بالآية. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الأعلى:
عدد 8 – 87.
نزلت في مكة بعد التكبير.
وهي تسع عشرة آية.
واثنتان وسبعون كلمة.
ومائتان وواحد وتسعون حرفا.
وتسمى سبح.
ومثلها في عدد الآي سورتا العلق والانفطار.
ويوجد في القرآن سبع سور مبدوءة بلفظ التسبيح واحدة بلفظ الأمر وهي هذه، وثلاث بلفظ الماضي وهي: الحديد والحشر والصف، واثنتان بلفظ المضارع وهي: الجمعة والتغابن، وواحدة بالمصدر وهي الاسراء.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى مخاطبا عبده ورسوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} نزهه عما يقول الملحدون مما لا يليق بذاته وهو المستحق للتقديس {الأعلى 1} علوا يليق بذاته لا علو مكان تعالى اللّه عنه الموصوف بالعلو أي القهر والاقتدار {الَّذي خَلَقَ} كل شيء وأوجده من لا شيء {فسوى 2} ما خلقه بما يناسبه إذ جعل كل خلقه مستويا معتدلا لا تفاوت فيه محكما منسقا سبحانه فقد أحسن كل شيء خلقه لأن ما يصدر عن الحكيم لا يكون الا كذلك {وَالَّذي قدر} أرزاق مخلوقاته تقديرا حكيما لكل بحسبه {فهدى 3} كلا منها لطريق اكتسابه ويسر كلا لما خلق له وسهل له سلوكه فجعل كلا يتناول ما قسم له بوسائل مختلفة والهدف واحد {وَالَّذي أَخْرَجَ} في الأرض انواع النبات وأظهر منها {المرعى 4} للحيوان وصيره أنواعا وأصنافا يناسب كلا منها فلم يترك صغيرا ولا كبيرا إلا وخلق له ما يرعاه وينفعه {فَجَعَلَهُ} أي ذلك المرعى بعد أن كان أخضر وأصفر وأحمر وما بينهما في الألوان العجيبة والأشكال الغريبة البديعة {غُثاءً} هو ما يرى فوق السيل وما يقذفه على جانبي الوادي من هشيم الحشيش وغيره {أحوى 5} مائلا إلى السواد يابسا وقد يتحجر بكر الأيام ولا يبعد ما يقوله الأثريون بأن الفحم الحجري أصله نبات والحوادث تدل عليه وهو في معجزات القرآن العظيم إذ لا يوجد في نزوله على وجه الأرض من يعرف هذا غير منزله جل وعلا الا فليعتبر المعتبرون {سنقرئك} يا محمد من معلومات غيبنا ومكنونات علمنا مما لا يعلمه أحد {فَلا تنسى 6} ما نقرئك أبدا، ونظير هذه الآية الآية 16 فما بعدها من سورة القيمة الآتية كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي لم يكد يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم بها رسول اللّه مخافة نسيانها فأنزل اللّه عليه هذه الآية فأمن نسيان شيء من بعدها.
وهي بشارة له من ربه منّ عليه بها بحفظ وحيه وأن لا يفلت منه شيء.
وقيل المراد فلا تنسى العمل به، والأول أولى بالمقام لإنه ابعد ان يقع منه ذلك {إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ} وقوعه ولم يشأ جل شأنه أن ينسى حبيبه شيئا من كلامه، جاء في الحواشي العصامية على أنوار التنزيل ان الاستثناء على هذا الوجه لتأكيد عموم النفي لا لنقض عمومه، فهو استثناء من أعم الأوقات أي فلا تنسى في وقت من الأوقات شيئا من الوقت الا وقت مشيئة اللّه نسيانك، لكنه سبحانه لا يشاء ذلك وهذا على حد قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ} الآية 108 من سورة هود، وإليه ذهب الفراء فقال إنه تعالى ما شاء أن ينسى رسوله إلا أن المقصود من الاستثناء بيان أن اللّه تعالى لو أراد أن يصيره ناسيا لقدره عليه كما في قوله: {وَلَئِنْ شيءنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ} الآية 86 في سورة الاسراء الآتية، ولا شك أنّا نقطع بأنه تعالى ما شاء ذلك ولو شاء لفعل ولكن يأبى كرمه أن يسلب حبيبه شيئا منّ به عليه وشرّفه تفضلا منه، كيف وقد تعهد له بحفظه راجع الآية (9) في سورة الحجر.

.مطلب عصمة النبي من النسيان:

هذا وقد قال له {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الآية 65 من سورة الوتر مع القطع بأنه لم يشرك البتة، وفائدة ذلك ان يعرفه كمال قدرته حتى يعلم أن عدم النسيان من فعله وإحسانه وليعرف الغير ذلك، فعلى هذا يكون نفيا مجازيا من باب قوله من المعنى:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ** بهن فلول من قراع الكتائب

وما قيل من أن المراد بالمستثنى هو ما نفى اللّه نسخه أو ارتفاع حكمه أو تلاوته فليس بسديد لأن النسخ لا يأتي بمقابلة القراءة حتى يستثنى منها، وما استدل به على هذا في حديث عائشة الذي أخرجه الشيخان بأنه كان فيما أنزل عليه عشر معلومات فنسخن بخمس معلومات وأنه صلى الله عليه وسلم نسي الجميع بعد تبليغه وبقي ما بقي عنده بعض من سمعه منه بعيد جدا عن الحقيقة، لأنه لا يعقل أن المنزل عليه الذي بلغه ينساه ويبقى بفكر الغير، ولأن رفع الحكم يؤدي إلى ترك التلاوة لعدم التعبّد بها، ورفع التلاوة يؤدي لعدم اخطارها بالبال لعدم بقاء الحكم.
وما قيل ان المراد إلا ما شاء اللّه أن تنساه ثم تذكره بعد استدلالا بما جاء في صحيح البخاري وغيره من حديث عائشة قالت: «سمع رسول اللّه رجلا يقرأ في سورة والليل فقال رحمه اللّه لقد ذكرني كذا وكذا، وفي رواية كنت أسقطهن من سورة كذا» وفي رواية «أسقط آية في قراءته في صلاة الصبح فحسب أبي أنها نسخت، فسأله عليه السلام فقال نسيتها»، غير وجيه وحاشا رسول اللّه أن ينسى شيئا تعهد له به ربه وان هذا النسيان الوارد في هذه الأحاديث غير مقصود بهذه الآية ولا متعلق بها وان الذكر بعد النسيان وان كان واجبا إلا أن العلم به لا يستفاد منه في هذا المقام ولا يصلح أن يستدل به.
راجع بحث تهديد من نسي القرآن وبحث ترتيب آي القرآن في المقدمة تحظ بما يزيل عنك ما يحدس ببالك قال تعالى: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ} في أقوال عباده وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم {وَما يخفى 7} منها وما يحوك في صدر الإنسان قبل أن يخش به {وَنُيسركَ} يا أكمل الرسل ونوفقك {لليسرى 8} الطريقة التي هي أهون وأكمل من كل ما تريد ونجعل شريعتك يسرة سمحة لا غرابة فيها ولا تعقيد ولا حرج ولا شدة قال عليه الصلاة والسلام «بعثت بالحنفية السمحاء» أي بين الرخاء والقسوة {فذكر} يا حبيبي قومك أجمع بما نوحيه إليك وعظهم به {إِنْ نَفَعَتِ الذكرى 9} أي ما نفعت وجاءت إن هنا شرطية استبعادا للتأثير فيهم لما هم عليه من عتو وعناد، وقد يراد بمثلها التذكر مطلقا غير مقيد بالنفع، أي ذكر إن نفعت الذكرى أو لم تنفع فتكون من معضل المفهوم، قال تعالى: {فذكر إِنَّما أَنْتَ مذكر} الآية 21 من سورة الغاشية لأن الذكرى إذا لم ينتفع فيها الكافر ينتفع بها غيره، قال تعالى: {ذَكِّرْ فَإِنَّ الذكرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}الآية 58 من الذاريات أيضًا يدل عليه قوله تعالى: {سَيذكر} بوعظك وإرشادك {مَنْ يخشى 10} اللّه فيخاف عاقبة أمره {يتَجَنَّبُهَا} الكافر الذي ينكر المعاد والنبوة والتوحيد وهو {الْأَشْقَى 11} من غيره كثير الإثم المنهمك في المعاصي {الَّذي يَصْلَى النَّارَ الكبرى 12} نزلت في الوليد بن المغيرة أو في عتبة بن ربيعة واضرابهما ممن ينكرون البعث المتوغلين في عداوة الرسول، ولذلك وصف المراد منهم بها بالأعظم شقاوة بوصف النار التي يؤول أمره إليها بالأكبر عذابا وهي نار الآخرة لأن نار الدنيا جزء من سبعين جزءا منها، فكل من تباعد عن الذكرى في الدنيا يقربه اللّه في الآخرة لنارها (ثم) يكون حاله فيها كما ذكره اللّه تعالى: {لا يَمُوتُ فِيها} فيستريح من عذابها لأن دار الآخرة خلود بلا موت {ولا يحيى 13} حياة طيبة بل تعسة مشوبة بأنواع العذاب.